“نحن لا نريد فقط أن نرى الجمال، على الرغم من أن ذلك، كما يعلم الله، قد يكون نعمة كافية. نحن نريد شيئًا آخر يكاد يكون من المستحيل وضعه في الكلمات – أن نكون متحدين مع الجمال الذي نراه، أن نتغلغل فيه، أن نتلقاه في أنفسنا، أن نغتسل فيه، أن نصبح جزءًا منه.”1

هل سبق لك أن صادفت شيئًا جميلًا حقًا، وأَسَرَك تمامًا؟ أنت فيه بكليّتك، مفتون به، ولا يمكنك الخروج منه. شروق الشمس من خلف الجبال، غروب يتلاشى في الأفق ليلتقي بالبحر، رائحة زهرة تنفذ الي أعماقك، موسيقى تأخذك إلى عالم آخر، عناق من طفل يأسر قلبك، أو وجبة لذيذة معدة بحب. ليس فقط أن الجمال يمس حواسنا الحسية، بل إنه يخاطب حواسنا الداخلية أيضًا. من ذا الذي لا يحدّق بانبهار في شجاعة رجل بار يقف في وجه الظلم، أو في حب امرأة صادق لزوجها في محنته، أو في رقة طفل صغير تجاه رجل مسن؟ إنه تلك الخبرة حيث يضرب شيء ما كياننا بعمق، فيوقظ فينا شوقًا للاتحاد به وإنه تلك النشوة التي تخذلنا فيها الكلمات وإنه تلك اللحظة عندما تقول قلوبنا: “يا الله، كم هذا جميل!” إنه الجمال.
من لم يُجْتَذب إلى الجمال، أو لم يُلمس به، أو لم يُحتضن به؟ الجمال لا مفر من مقابلته. حتى في أسوأ البيئات، وأقبحها، وأشدها قسوة، يمكن العثور على الجمال، مزدهرًا كزهرة صغيرة رقيقة تنبت في البرية الشاسعة القاسية. يكتب ديفيد هارت: “الجمال موجود، في نظام الأشياء، يُمْنَح مرارًا وتكرارًا بطريقة تتحدى الوصف”2. في معظم الأحيان، يأسر الجمال قلب الإنسان بكلمات لا تُنطق، يملأه برغبة لا تُفهَم، يُشعله بشوقٍ حميمٍ. كما يقول ديفيد هارت: “الجمال يوقظ الرغبة.”3 الجمال يثير فينا توقًا لما هو أبعد، لما هو أبدي ولا نهائي. يغزو الجمال أشواقنا وحنيننا كنهر يفيض في صحراء أرواحنا القاحلة، موجِّهًا إياها نحو مصدره الحقيقي، الله. ومن ثم، في خضم القبح، والانحراف، والتشوُّه الذي يعتري العالم، يظل الجمال الحقيقي بمثابة ختم الله في جميع خليقته، وفوق كل شيء، في أيقونته المحبوبة، الإنسان.
لكن، ما هو الجمال؟ هل الجمال حقًا يشير إلى الله؟ وعلاوة على ذلك، أيُّ جمال نقصد؟ من الصعب جدًا تعريف الجمال بطريقة منهجية. الجمال هو سرّ. في معظم الأحيان، لا يمكن وصفه بالكلمات؛ فكيف يمكن إذًا تعريفه؟ يمكن رؤيته، سماعه، أو لمسه دون أن يكون له تعريف أو استنتاج أو تحليل منطقي. يُعرَف فقط عند لقائه. يكتب ديفيد هارت: “يُكتشف في الدهشة، في وعيٍ بشيءٍ عارض، طارئ، غير قابل للوصف جوهريًا”4. فالجمال يُعرَف بالمقابلة والمعايشة، تلك المعرفة التي تتضمن اختبار جوهر الشيء دون الحاجة إلى مفاهيم سابقة حوله.5 الاستمتاع بجمال الغروب لا يتطلب أي دراسات فيزيائية أو جيولوجية أو فلكية. إنها تجربة فينومينولوجية (ظاهرية) تثبت بذاتها. ومع ذلك، يمكن وصف الجمال. في تعبيره عن خبرة الجمال، يكتب توما الأكويني: “فالأشياء الجميلة هي التي تُسِرّ عند رؤيتها”6. الجمال يوقظ فينا نوعًا من المسرة؛ إنه يبهجنا، يُفرحنا، وفي أعمق وأصدق خبرات الجمال، يأخذنا ويتملّكنا بالكامل. ومع ذلك، الأمر لا يتعلق بالشيء الجميل نفسه فقط، بل إنه يعتمد أيضًا على قابليتنا للاستقبال؛ فالمسرة التي تتولد فينا، إنما تُوقَظ في داخلنا عندما تلتقط حواسّنا الجمال.
ومن هنا تبرز سمة أخرى جدلية في ماهية الجمال: هل الجمال حقًّا في عين الناظر، أم أنه شيء موضوعي؟ هل هو إحساس شخصيّ أم حقيقة قائمة؟ هنا، يعبّر ديفيد هارت بعبارة لامعة قائلاً: “الجمال موضوعي. يتم التأكيد على ذلك دون أي عقيدة أو ‘علم’ للجمال في الاعتبار؛ لكنه مع ذلك يتمتع بأولوية ظاهرية (فينومينولوجية)، وسابقة لا تُقهَر على أي استجابة يُثيرها.”7. وفي وصفه للجمال الموضوعي الحقيقي، وضع توما الأكويني ثلاث خصائص رئيسة: التكامل (أي الكمال أو التمام)، والتناسب (أي التناغم)، والوضوح (أي الإشراق).8 فالشيء يكون جميلًا لأنه كامل، لا ينقصه شيء؛ متناغم، حيث تتعايش عناصره رغم اختلافاتها الحتمية؛ وواضح، يكشف عن ذاته بشفافية كاملة. وهذه الصفات تنطبق على الجمال المنظور وغير المنظور على حد سواء. يشرح الأكويني الجمال الروحي ببراعة حين يربطه بسلوك الإنسان، فيقول إن جمال الروح هو أن يكون سلوك الإنسان متناسبًا مع وضوح عقله.9 وفي موضع آخر، يربط الأكويني بين الجمال والخير، موضحًا أنهما في جوهرهما شيء واحد، إذ يُعد الجمال بمثابة إدراك الخير.10
عقب هذا الاكتشاف للجمال، دعونا نذهب إلى سفر التكوين، حيث بدأ كل شيء. فها هو الكتاب المقدس يروي قصة الله الذي خلق العالم من فيض محبته اللامتناهية، كما يكتب أندرو دافيدسون: ” يحب الله المخلوق بشكل مبدع ليخرجه إلى قيمته ومكانته في الوجود، منذ البداية المبكرة.”11 في الظلمة، يمكن أن ترى الخليقة تُرسم بألوان بهية بيد الفنان المُحب. وفي الفراغ، يمكنك أن تسمع أعذب سيمفونية للوجود يُعزف. وكل مرة، كان الله يرى أن ما خلقه “حسنٌ”، أي جميل. فكل الأشياء كانت مُسِرَّة للغاية حين تُرى. كانت الخليقة كاملة، متناغمة، ومشرقة(مكشوفة). كانت كلها جمالًا، وكان الجمال هو الذي يكشف عن جوهر الخليقة. يكتب ديفيد هارت: “سرور الله – الجمال الذي تملكه الخليقة في نظره – هو ما يُرسِّخ كينونة الخليقة المتميّزة، وبالتالي فالجمال هو أول وأصدق كلمة تقال عن كل ما يظهر في الوجود؛ الجمال هو إعلان لما هو كائن؛ لقد نظر الله إلى ما صنَع، فرأى أنه حسن.”12
وبعد أن اكتمل كل شيء لأجل أيقونته المحبوبة، خلق الله الإنسان. يعلّم القديس غريغوريوس النيسي أن الإنسان لم يُوجَد في العالم إلا بعد أن تهيّأت له الخليقة كلها، حتى إذا ما رأى جمالها وبهاءها، عرف صانعه13. غير أن القصة لم تتوقّف هنا. فإن صنع الله للإنسان تجاوز حدود الجمال. لقد خلقه على صورته ومثاله، في جماله هو ذاته. وهنا يكتب القديس غريغوريوس النيسي تأملًا عميقًا عن خلقنا على صورة وجمال الله قائلاً: “إن الجمال الإلهي لا يُتَّصف بشكل أو هيئة، ولا بألوان أو ملامح، بل يُدرَك ككمال في سعادة غامرة لا تُوصف. وكما ينقل الرسامون ملامح البشر إلى لوحاتهم عبر ألوان معينة، لكي يُظهِروا جمال الأصل في شبهه، هكذا أيضًا صوَّر خالقنا صورته بحسب جماله، بإضافة الفضائل كما لو كانت ألوانًا، فأعلن فينا سيادته. وهذه الألوان – إذا صحّ التعبير – التي رسم بها صورته الحقيقية فينا، متعددة ومتنوعة: الطهارة، التحرر من الأهواء، البركة، الابتعاد عن الشر، وسائر الصفات التي تكوّن في الإنسان شبه الله. بهذه الألوان نقش خالق الصورة طبيعته فينا.”14
لم يخلقنا الله فقط في جماله الخاص من الفضائل، بل خلقنا أيضًا على صورته، عاكسًا جمال حياته الثالوثية كما يكتب القديس أوغسطينوس: “لأن في ذلك الثالوث يكمن المصدر الأعلى لجميع الأشياء، وأسمى جمال، وأكمل مسرة”15. خلقنا ككائنات علاقاتية مثله، مدعوين للمشاركة في جماله الأسمى: البريكوريسيس perichoresis (التبادل المتناغم للحب). يشرح كاليستوس وير كيف أننا مدعوون لإظهار صورة “البريكوريسيس” على الأرض، الذي يوحد أقانيم الثالوث معًا.16 ويكتب تأملًا عميقًا: “لا يمكنني أن أعرف نفسي كشخص منفصل عن علاقتي معك؛ لأنني لا يمكن أن أكون شخصًا حقًا، إلا إذا أحببت الآخرين على مثال الله الثالوثي، وإذا كنت محبوبًا من قِبَلهم”17.كذلك يكتب ديفيد هارت: “تشبيه الوجود يبدأ من الإيمان بأن الوجود نفسه يختلف دائمًا، داخل فعل بساطته ذاته، دون أي لحظة من الاغتراب أو التفكُّك؛ أن تكون هو أن تكون ظاهرًا؛ أن تعرف وتحب، أن تُعرَف وتُحَب… “18.
كل هذا حسن للغاية، ومبهج ومليء بالجمال. ومع ذلك، هل نرى حقًا ذلك الجمال الذي خُلق فينا؟ هل ندرك الفضائل فينا كما قال القديس غريغوريوس النيسي؟ هل نعيش حقًا في، ومع، ومن خلال البريكوريسيس؟ الجواب ليس مباشرًا – إنه نعم ولا في آن واحد. في الواقع، يكون في كثير من الأحيان “لا” لأن كثيرًا ما تسحبنا الشرور، وعدم الطهارة، والعبودية للشهوات، والبؤس، والانغماس في الخطية نحو الموت، كحيوان مفترس يلتهم أرواحنا وأجسادنا. علاوة على ذلك، انتشر القبح، والتشويه، والانحراف، والشر في الخليقة مثل فيروس يستنزف مُضَيِّفه. أين الجمال الإلهي الذي كان مختومًا على العالم؟ يخبرنا سفر التكوين، في الإصحاح الثالث، عن السبب: الإنسان عَصى الله وسقط. دخلت الخطية إلى العالم. أصبحت الخليقة مشوَّهة. فُقِدَ الجمال الأصلي، وسَيْطَر الموت على الخليقة بأسرها.
ومع ذلك، لا يمكننا أن نتجاهل حقيقة أن الجواب أيضًا هو “نعم”. ما زال هناك بعض الخير، والطهارة، والابتعاد عن الشر. ما زال هناك تناغم وإشراق في الخليقة، ما زال هناك بعض الجمال. تكشف هذه الحقيقة شيئًا. هنا، يجب أن نأخذ في الاعتبار تمييز القديس إيريناوس بين الصورة والشبه. يكتب كاليستوس وير، موضحًا تعليم القديس إيريناوس: “الإنسان ‘الكامل’، كما يعتقد، هو بحسب الصورة والشبه معًا، بينما الإنسان ‘غير الكامل’ لديه الصورة فقط وليس الشبه”19. ثم يضيف شرحًا أكثر عن الصورة، قائلاً: “حتى وإن كانت الصورة ملطخة بالخطيئة، فإنها ليست مفقودة تمامًا.”20
لهذا، لا يزال الجمال الحقيقي يوقظ فينا الرغبة. الجمال ينادينا، ويخاطبنا، ويكشف لنا عن صورتنا الأصلية. هناك صدى عميق للجمال داخلنا يدعونا إلى عالم آخر. في دراسته لسمات الجمال، يكتب أندرو دافيسون: “الجمال يُسمى ‘كالوس’ باليونانية، وهو مشتق من الفعل ‘يدعو'”21. ليس فقط أن الجمال يجعلنا نشتاق إلى صورتنا الأصلية، بل أيضًا نشتاق إلى سبب الجمال – الله. يكتب توما الأكويني، نقلاً عن ديونيسيوس، عن جمال الله: “سبب التناغم والوضوح في الكون”22. في موضع آخر، يذكر ديونيسيوس: “[الله هو الجمال]. هذا الجمال هو مصدر كل الصداقة وكل الفهم المتبادل. إنه هذا الجمال… الذي يحرِّك كل الكائنات الحية، ويحفظها بينما يملؤها بالحب والرغبة في جمالها الخاص.”23
بالتحديد، الله نفسه هو من يوقظ هذه الأشواق داخلنا. وفي تعبيره عن كيفية معرفة الناس لله، يكتب أوليفييه كليمنت: “الله هو الجمال المطلق لأنه الوجود الشخصي المطلق. وبهذا المعنى، يوقظ رغباتنا، يحررها، ويجذبها إليه.”24. ولكنه يجذبنا إلى ذاته من خلال ابنه المتجسد؛ يسوع المسيح. هو الجمال الأسمى الحقيقي الذي ينادينا منذ بداية الخلق، لأنه فيه خُلقت جميع الأشياء، “ٱلْكُلُّ بِهِ وَلَهُ قَدْ خُلِقَ.” (كو1: 16)، هو ملء الجمال، “لِأَنَّهُ فِيهِ سُرَّ أَنْ يَحِلَّ كُلُّ ٱلْمِلْءِ” (كو1: 19). في عالم مُحكوم عليه بالموت، يعيش بصورة مشوهة ومكسورة، تجسد ابن الله – الجمال الحقيقي الأسمى- وصلب، وقام، وصعد، وأرسل روحه القدس لكي من خلاله يُخلَّص الإنسان، ويُفتدى إلى جماله الأصلي، بل وأكثر من ذلك، يكون له شركة في صورة المسيح، ملء الجمال.
في هذا العالم المضطرب، ينادي الجمال الحقيقي بأصوات هادئة هنا وهناك. ومع ذلك، يشير إلى المسيح. إنه الصورة والشبه الحقيقي لله. هو ختم الجمال في الإنسان والخليقة أيضًا. هو تجسد الجمال ذاته، إذا جاز التعبير. جماله يسرُّك، يفرحك، ويسعدك. هو صالح. هو كامل، في تناغم مع ذاته ومع كل من يسكن فيه، مشرقا بذاته -الحب -إلى الجميع. ستدهش من جمال محبته التي تملأ قلبك إلى امتلائه، تاركًا إياك في دهشة لا تُوصف وذهول. المسيح يدعونا إلى أبيه، “لأن ٱلله لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ قَطُّ. اَلِابْنُ ٱلْوَحِيدُ ٱلَّذِي هُوَ فِي حِضْنِ ٱلْآبِ هُوَ خَبَّرَ.” (يو1: 18) لقد رأينا الجمال الحقيقي وملئه بأعيننا، سمعناه بآذاننا، ولمسناه بأيدينا.
دعونا نصلي أن نلتقي بالمسيح في قلوبنا في وسط هذا العالم الساقط، ونصرخ مسبحين مع فرنسيس الأسيزي: “أنت جمال… أنت جمال!”.
نانسي رفيق
1 C.S. Lewis, The Weight of Glory, p 30.
2 David Bentley Hart, The Beauty of the Infinite: The Aesthetics of Christian Truth, p 17.
3 David Bentley Hart, The Beauty of the Infinite: The Aesthetics of Christian Truth, p 19.
4 David Bentley Hart, The Beauty of the Infinite: The Aesthetics of Christian Truth, p 17.
5 Brandon L. Rickabaugh, Eternal Life As Known Of God, 210
6 St Aquinas, Thomas. Summa Theologica, Question 5, Article 4.
7 David Bentley Hart, The Beauty of the Infinite: The Aesthetics of Christian Truth, p 17.
8 St. Aquinas, Thomas. Summa Theologica, Question 39, Article 8.
9 St. Aquinas, Thomas. Summa Theologica, Question 145, Article 2.
10 St. Aquinas, Thomas. Summa Theologica, Question 27, Article 1.
11 Davison, Andrew, Participating in God: A Study in Christian Doctrine and Metaphysics, p 333.
12 David Bentley Hart, The Beauty of the Infinite: The Aesthetics of Christian Truth, p18.
13 St. Gregory of Nyssa, On the Making of Man, Chapter II, Section 2.
14 St. Gregory of Nyssa, On the Making of Man, Chapter V, Section 1.
15 St. Augustine, On the Trinity, Book 6, Chapter 10, Section 12.
16 Ware, Kallistos. “In the Image and Likeness: The Uniqueness of the Human Person.” In Personhood: Orthodox Christianity and the Connection Between Body, Mind, and Soul, edited by John T. Chirban, Part 2.
17 Ware, Kallistos. “In the Image and Likeness: The Uniqueness of the Human Person.” In Personhood: Orthodox Christianity and the Connection Between Body, Mind, and Soul, edited by John T. Chirban, Part 3.
18 David Bentley Hart, The Beauty of the Infinite: The Aesthetics of Christian Truth, p 243.
19 Ware, Kallistos. “In the Image and Likeness: The Uniqueness of the Human Person.” In Personhood: Orthodox Christianity and the Connection Between Body, Mind, and Soul, edited by John T. Chirban, Part 5.
19 Ware, Kallistos. “In the Image and Likeness: The Uniqueness of the Human Person.” In Personhood: Orthodox Christianity and the Connection Between Body, Mind, and Soul, edited by John T. Chirban, Part 6.
21 Davison, Andrew, Participating in God: A Study in Christian Doctrine and Metaphysics, p 345.
22 St. Aquinas, Thomas. Summa Theologica, Question 145, Article 2.
23 Dionysius the Areopagite. Divine Names. IV,7. In Patrologia Graeca, vol. 3, PG 3, 7.
24 Olivier, Clément, Olivier. The Roots of Christian Mysticism: Texts from the Patristic Era, p 21.